image

هل الزهراء (عليها السلام) إمام؟

هل الزهراء عليها السلام إمام ؟

 

يذهب البعض إلى أن الزهراء عليها السلام إمام , فيعتقد أن الأئمة عليهم السلام ثلاثة عشر و ليس اثني عشر.

و يستدل على هذه الدعوى بروايتين وردتا في كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني رحمه الله تعالى

الرواية الأولى :

عن أبي سعيد العصفري عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال :

(قال رسول الله صلى الله عليه و آله : إني و اثنا عشر من ولدي و أنت يا علي زر الأرض ) , يعني أوتاد الأرض و جبالها

فالحديث يعطف أمير المؤمنين عليه السلام على الاثني عشر بالواو التي تفيد الجمع , فيكون المجموع ثلاثة عشر إماماً , فتكون الزهراء من ضمن الأمة عليهم السلام ليكتمل العدد اثنا عشر إماماً من ولد رسول الله صلى الله عليه و آله.

الرواية الثانية :

عن أبي سعيد العصفري أيضاً مرفوعاً عن أبي جعفر عليه السلام قال :

( قال رسول الله صلى الله عليه و آله : من ولدي اثنا عشر نقباء نجباء محدثون مفهمون آخرهم القائم بالحق يملأها عدلاً كما ملئت جورا

فهؤلاء الاثني عشر عدا أمير المؤمنين عليه السلام ؛ لأنه ليس من ولد رسول الله صلى الله عليه و آله بل هو ابن عمه , و بانضمام الزهراء عليها السلام للأئمة الأحد عشر من ولد أمير المؤمنين عليه السلام يكون العدد اثني عشر إماماً من ولد رسول الله صلى الله عليه و آله.

جواب الشبهة :

1.  الروايتان مذكورتان في أصول الكافي , وصاحب الكافي الشيخ الكليني رحمه الله قد أكد في كتابه هذا على قضية مركزية عنده دعمها بالكثير من الروايات وهي كون الأئمة بعد النبي صلى الله عليه و آله اثنا عشر وهو مذهب الشيعة الاثنا عشرية , فلا يعقل بعد كل هذا التأكيد و الاستدلال أن يأتي بروايتين تخالفان منهجه و قضيته الأساسية من دون أن يعلق عليهما , فعدم تعليقه على الروايتين يدل على عدم مخالفتهما لمنهجه (الأئمة اثنا عشر وليس ثلاثة عشر) , فلا بد أن يكون في الروايتين خطأ من النساخ كما يأتي بيانه.


2.   إن كل إمام لابد له من فترة زمنية يكون فيها هو الإمام فيتحمل فيها أعباء الإمامة حيث لا إمام غيره كما هو معروف , إذ لا معنى لكون الشخص إماماً من دون وجود هذه الفترة , و الزهراء عليها السلام لم تكن لها مثل هذه الفترة لإمامتها ؛ فقد عاشت عليها السلام في ظل إمامين معصومين كانت فيهما مأمومة لهما و لم تكن إماماً عليهما , ففي حياة رسول الله صلى الله عليه و آله كان هو إمامها , و بعد استشهاده كان بعده أمير المؤمنين عليه السلام هو الإمام , وقد ماتت عليها السلام في حياة أمير المؤمنين عليه السلام , فلم تكن هناك فترة لإمامتها فلا تكون إماماً.

 

3.  مع غض النظر عن سند الروايتين - إذ من الواضح أن الرواية الثانية مرفوعة و العقائد لا تثبت بروايات الآحاد الصحيحة غير المحفوفة بالقرائن فضلاً عن ثبوتها بالروايات غير المسندة - فإن هناك نسخة من كتاب أبي سعيد العصفري - الراوي للروايتين موضع البحث - في المكتبة المركزية لجامعة طهران ضمن مجموعة باسم الأصول الأربعمائة , وفي هذه النسخة كان لفظ الرواية الأولى هكذا :

 

(قال رسول الله صلى الله عليه و آله : إني و أحد عشر من ولدي و أنت يا علي زر الأرض)

 

وكانت الرواية الثانية هكذا :

( قال رسول الله صلى الله عليه و آله : من ولدي أحد عشر نقباء نجباء محدثون مفهمون آخرهم القائم بالحق )

فمع وجود هذه النسخة التي تنسجم مع مذهب الشيخ الكليني , تكون عبارة (الاثني عشر) في الروايتين المذكورتين في أصول الكافي من خطأ النساخ و الصحيح هو ما موجود في هذه النسخة.

 

4.  إن الأدلة الروائية الكثيرة جداً التي تنص على أن الأئمة بعد النبي هم اثنا عشر و ليس ثلاثة عشر , وقد تواترت هذه الروايات عن السنة و الشيعة في كتبهم المعتبرة , والتي ذكرت جملة منها على أسماء الأئمة عليهم السلام بالتسلسل ولم تذكر الزهراء عليها السلام من ضمنهم دالة على عدم إمامتها عليها السلام , و نحن نذكر نموذجاً واحداً من هذه الروايات[1] :

روى الشيخ الجليل الثقة علي بن محمد القمي في كتاب كفاية الأثر بسنده ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال :

(إن وصيّ و الخليفة من بعدي علي بن ابي طالب , و بعده سبطاي الحسن و الحسين , يتلوه تسعة من ولد الحسين أئمة أبرار , قال السائل : فسمهم لي , قال صلى الله عليه و آله :

نعم , إذا مضى الحسين فابنه علي , فإذا مضى علي فابنه محمد , فإذا مضى محمد فابنه جعفر , فإذا مضى جعفر فابنه موسى , فإذا مضى موسى فابنه علي , فإذا مضى علي فابنه محمد , فإذا مضى محمد فابنه علي , فإذا مضى علي فابنه الحسن , و بعد الحسن الحجة بن الحسن بن علي فهذه اثنا عشر إماماً على عدد نقباء بني إسرائيل)

والحمد لله رب العالمين


[1] لقد ذكر الشيخ الحر العاملي رحمه الله في كتابه (اثبات الهداة بالنصوص و المعجزات) 928 رواية من طرق الشيعة , و 278 رواية من طرق العامة تدل على أن الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه اثنا عشر و ليس ثلاثة عشر كما يقول صاحب الشبهة.

  • شارك الموضوع :