هل التقية ضرب من النفاق ؟؟؟
هل التقية ضرب من النفاق ..؟؟
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوی (13 /263) :
" الرافضة أجهل الطوائف و أكذبها و أبعدها عن معرفة المنقول و المعقول وهم يجعلون التقية من أصول دينهم ، ويكذبون علی أهل البيت كذباً لايحصيه إلا الله ، حتی يرووا عن جعفر الصادق أنه قال : التقية ديني و دين آبائي ، و "التقية" هي شعار النفاق ؛ فإن حقيقتها عندهم أن يقولوا بألسنتهم ماليس في قلوبهم ، وهذا حقيقة النفاق" .
ومثله و رد عنه أيضاً في منهاج السنة (30/1).
فابن تيمية بنی حكمه بنفاق الشيعة لاعتمادهم علی التقية علی دليلين :
1. أن التقية تستلزم الكذب ، و الكذب من علامات المنافق.
2. أن حقيقة التقية هي أن يقولوا بألسنتهم ماليس في قلوبهم ، وهذا هو حقيقة النفاق .
وفي مقام الجواب لا أريد أن أستعمل الجواب النقضي فأذكر الشواهد الكثيرة علی استعمال أهل السنة للتقية قديماً و في عصرنا الحاضر ، ولكن سأكتفي بالجواب الحلي فأقول :
أما قولك أن الكذب علامة النفاق ، فهذا لا يصح علی إطلاقه ، بل هناك موارد جوز فيها الشارع المقدس الكذب للحفاظ علی مصالح مهمة في نظر الشارع كالكذب لإصلاح ذات البين ، أو في الحرب علی العدو ، أو في حديث الرجل امرأته و المرأة زوجها ، كما قال ابن باز في فتاويه مستدلاً علی ذلك بالحديث الصحيح عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط عن النبي صلی الله عليه و سلم أنه قال :
" ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً ، و ينمي خيراً ، قالت : ولم أسمعه يرخص في الكذب إلا في ثلاث: الحرب ، و الإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته و المرأة زوجها". انتهی
فلا يمكن أن يقال أن الكذب مطلقاً من صفات المنافقين ، ولعمري أن التقية لو اضطر فيها الشخص للكذب فإن كانت تقية خوفية دخلت في المورد الأول الذي ذكره الحديث ، وإن كانت مداراتية دخلت في المورد الثاني من موارد جواز الكذب ، علماً أنه ليس كل من مارس التقية فقد استعمل الكذب ، بل في كثير من الأحيان يلجأ إلی التورية تخلصاً منه.
وأما الجواب عن الوجه الثاني ، فمن العجيب أن يجعل ابن تيمية قاعدة كلية في المقام ، هي :
أن كل من قال بلسانه ماليس في قلبه فهو منافق ؟!!!.
وكأنه لم يقرأ القران ، ولم يسمع قوله تعالی :
مَن كَفَرَ بِاللَّـهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّـهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
فهاهو عمار ابن ياسر رحمه الله قد قال بلسانه ماليس في قلبه اتراه يكون منافقاً بحسب ادعاء ابن تيمية و القران يشهد علی إيمانه؟ !!!!
فالنفاق و التقية أمران متباينان لا يجمع بينهما جامع أبداً ، إذ النصوص الشريفة دلت علی جواز التقية ويكفيك بالاية السالفة ا
+ الذكر شاهداً علی ما نقول ، في حين جاءت الآيات الكريمة تذم النفاق و تصف أهله بأنهم في الدرك الأسفل من النار ، وما ذاك إلا للإختلاف الجوهري بين النفاق و التقية ، إذ النفاق هو أن يبطن الكفر و يلتزم به ويظهر الإيمان تحصيلاً لمكاسب دنيوية زائلة ، أو طلباً للتسلط علی المؤمنين بغير حق ، و التقية خلاف ذلك تماماً لأنها إضمار الحق و الإيمان به و إظهار خلافه ، حفاظاً علی أرواح أن يزهقها المبطلون أو صوناً لأعراض أن يدنسها الظالمون ، أو جمعاً لشمل المسلمين و توحيداً لكلمتهم وتقويةً لصفهم ، ولو أن الآخرين لم يرهبونا بسلطتهم و غدرهم ، ولو أنهم قبلوا باختلافنا كما قبلوا باختلاف اصحاب الملل و النحل الأخری عنهم ، لما وجدت للتقية في مذهبنا عيناً و لا أثرا .
فانظر كيف يشوه فكر الأمة ، و يُفَرَقُ بين أبنائها بهذه الاتهامات الباطلة ، و الأراجيف المزيفة.
و الحمد لله رب العالمين