قصة استبصار هشام آل قطيط
06-07-2023
لقاء الصدفة
كنت أبحث عن بعض (الكتب) المصادر في مدينة بيروت التي تخصُّ بحثي عن الحقيقة .. وإذا بشيخ موجود في دار النشر ، فدفعني الفضول لأتعرَّف عليه ، فقال لي : أنا الشيخ عبد الأمير الهويدي من العراق ، وسألني : من أين أنت ؟، فأجبته : من سوريا.فسألني : ماذا تعمل هنا ؟ فأجبته بكل صراحة : لقد أعارني أحد الشباب الشيعة كتاب المراجعات ، ومن هنا كانت بداية البحث والتساؤل والحيرة.
وبعد حوار بسيط قال الشيخ الهويدي لصاحب دار النشر : أعطيه كتاب الإمام الصادق ( ع ) والمذاهب الأربعة، واقرأ في الجزء الثاني رسالة للجاحظ، تأمَّل بها وتدبَّر فسوف تعرف الحقيقة .
مع رسالة الجاحظ:
رسالة عمرو بن بحر الجاحظ في الترجيح والتفضيل .. قال:
هذا كتاب من اعتزل الشك والظن والدعوى والأهواء ، وأخذ باليقين والثقة من طاعة الله ورسوله ص ، وبإجماع الأمَّة بعد نبيِّها ص ممَّا يتضمَّنه الكتاب والسنّة ، وترك القول بالآراء..
لقد وجدنا المسلمين مختلفين يبرأ بعضهم من بعض ، فرقة، قالت : إن النبي Jمات ولم يستخلف أحدا ، وجعل الخليفة إلى المسلمين يختارونه.. والآخرون ، قالوا : إن النبيJ استخلف عليا، فجعله إماما للمسلمين بعده وادعى كل فريق منهم الحق . فلما رأينا ذلك وقفنا الفريقين لنبحث ونعلم المحق من المبطل ؟ فسألناهم جميعا : هل للناس ؟ من وال يقيم أعيادهم ، ويحيي زكاتهم ، ويفرقها على مستحقيها ، ويقضي بينهم ، ويأخذ لضعيفهم من قويهم ويقيم حدودهم ؟ فقالوا : لا بد من ذلك .
فقلنا : هل لأحد يختار أحدا فيوليه ، بغير نظر من كتاب الله وسنة نبيه ؟ فقالوا : لا يجوز ذلك إلا بالنظر .. ثم سألناهم جميعا : هل لله خيرة من خلقه ، اصطفاهم واختارهم ؟ فقالوا : نعم ..
فسألناهم : من الخيرة ؟ فقالوا : هم المتقون . فقلنا : ما برهانكم ؟ فقالوا : قوله تعالى : P إن أكرمكم عند الله أتقاكم O . فقلنا : هل لله خيرة من المتقين ؟ قالوا : نعم ، المجاهدون بأموالهم بدليل قوله تعالى : P فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة O . فقلنا : هل لله خيرة من المجاهدين ؟ قالوا جميعا : نعم - السابقون من المهاجرين إلى الجهاد بدليل قوله تعالى :Pلا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتلO . فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم عليه ، وعلمنا أن خيرة الله من خلقه المجاهدون السابقون إلى الجهاد .
ثم قلنا : هل لله منهم خيرة ؟ قالوا : نعم . قلنا : من هم ؟ قالوا : أكثرهم عناء في الجهاد . وطعنا وحربا وقتلا في سبيل الله ، وعلمنا وعرفنا : أن خيرة الخيرة أكثرهم في الجهاد عناء ، وأبذلهم لنفسه في طاعة الله ، وأقتلهم لعدوه . فسألناهم أيهما كان أكثر عناء في الحرب ، وأحسن بلاء في سبيل الله ؟ فأجمع الفريقان على أمير المؤمنين علي بن أبي طالبA أنه كان أكثر طعنا وحربا وأشد قتالا، وأذب عن دين الله ورسوله . فثبت بما ذكرنا من إجماع الفريقين ، ودلالة الكتاب والسنة أن عليا أفضل .
وسألناهم - ثانيا - عن خيرته من المتقين ؟ فقالوا : هم الخاشعون ، بدليل قوله تعالى:Pوأعدت للمتقين الذين يخشون ربهمO.ثم سألناهم : من الخاشعون ؟ فقالوا : هم العلماء ، لقوله تعالى :Pإنما يخشى الله من عباده العلماءO . ثم سألناهم جميعا : من أعلم الناس ؟ قالوا أعلمهم بالقول ، وأهداهم إلى الحق ، وأحقهم أن يكون متبوعا ولا يكون تابعا بدليل قوله تعالى :Pيحكم به ذوا عدل منكم O فجعل الحكومة لأهل العدل . فقبلنا ذلك منهم ، وسألناهم عن أعلم الناس بالعدل من هو ؟ قالوا : أدلهم عليه . قلنا : فمن أدل الناس عليه ؟ قالوا : أهداهم إلى الحق . وأحقهم أن يكون متبوعا ولا يكون تابعا بدليل قوله تعالى P:أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدىO. فدل كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام والإجماع : أن أفضل الأمة بعد نبيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب A وقال تعالى : P يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجاتO. وقد أجمعت الأمة على أن العلماء من أصحاب J. الذين يؤخذ عنهم العلم كانوا أربعة : علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن العباس وابن مسعود [الهذلي] ، وزيد بن ثابت [الانصاري] ..
ثم سألناهم : أيهم أولى بالإمامة ؟ فأجمعوا على أن النبي Jقال : إذا كان عالمان فقيهان من قريش فأكبرهما سنا وأقدمهما هجرة . فسقط عبد الله بن العباس . وبقي علي بن أبي طالب A، فيكون أحق بالإمامة لما أجمعت عليه الأمة ولدلالة الكتاب والسنة عليه . أصبح لدي اليقين القاطع بأحقية أهل البيت عليهم السلام وبخلافة الإمام علي Aبعد رسول الله J.
[ينظر : ومن الحوار اكتشفت الحقيقة]