image

قصة تشيع الشيخ محمد مرعي الأنطاكي

06-07-2023

لماذا اخترت مذهب أهل البيت

لماذا اخترت مذهب أهل البيت                                                        

   الشيخ محمد مرعي الأنطاكي

-      الظفر بكتاب المراجعات:

يقول الشيخ محمد مرعي: عثرت ذات يوم على كتاب جليل وهو كتاب (المراجعات) للسيد عبدالحسين شرف الدين الموسوي العاملي (قدس الله روحه الطاهرة) فأخذت الكتاب، وبدأت أتصفحه، وأتدبّر مقالاته بدقة وإمعان، فأدهشتني بلاغته، وسبك جمله، وعذوبة ألفاظه، وحسن معانيه التي قلّ أنْ يأتي كاتب بمثلها، فقمت أفكّر في هذا الأثر القيّم، والسفر العظيم، وما فيه من الحكميات والمحاكمات بين مؤلفه المفدّى، وبين الشيخ الأكبر، الشيخ سليم البشري، شيخ الجامع الأزهر، وذلك بأدلته القاطعة وحججه البالغة، مما يفحم الخصم، ويقطع عليه حجّته.

وقد رأيت مؤلفه العظيم لم يعتمد في احتجاجه على الخصم من كتب الشيعة، بل كان اعتماده على كتب السنّة والجماعة ليكون أبلغ في الردّ على الخصم، فبذلك زدت إعجاباً على إعجاب مما جرى به قلمه الشريف.

هذا ولم يمض عليّ الليل، إلاّ وأنا مقتنع تماماً بأنَّ الحق والصواب مع الشيعة، وأنهم على المذهب الحق الثابت عن رسول الله(ص)، عن أهل بيته الطاهرين(عليهم السلام)، ولم يبق لي أدنى شبهة البتة، واعتقدت بأنهم على خلاف ما يقال فيهم من المطاعن والأقاويل المفتعلة الباطلة.

الانتماء إلى مذهب أهل البيت(ع)

يضيف الشيخ محمد مرعي: ثم في صبيحة تلك الليلة، عرضت الكتاب الشريف على أخي وشقيقي، فضيلة العلامة الفذ، الحافظ، الشيخ أحمد أمين الأنطاكي، حفظه الله.

فقال لي: ما هذا؟.، قلت: كتاب شيعي لمؤلف شيعي.

فقال: أبعده عنّي (ثلاثاً)، فإنه من كتب الضلال، وليس لي به حاجة، وإني أكره الشيعة، وما هم عليه.

فقلت: خذه واقرأه، ولا تعمل به، وماذا يضرك إن قرأته؟

فأخذ الكتاب ودرسه وطالعه بدقّة وإمعان، وحصل له ما حصل لي من الاعتراف بأحقّية المذهب الشيعي.

ثم اعتنقنا المذهب الشيعي الجعفري الإمامي، وذلك لقيام الأدلة الكثيرة الواضحة، والبراهين الرصينة الناصعة، فاستراح ضميري بهذا التمسّك بالمذهب الجعفري، وهو مذهب آل بيت النبوّة ـ عليهم صلوات الله وسلامه ـ أبداً ما دام الليل والنهار، لعلمي أني قد حصلت على أقصى غاية ما أُريد بأخذ مذهب العترة الطاهرة.

وبذلك أعتقد يقيناً لا يشوبه شك أني قد نجوت من عذاب الله تعالى، وأحمد الله تعالى ثانياً على نجاة عائلتي كلها، وكثير من أقربائي وأصدقائي وغيرهم، وهذا فضل ونعمة من الله لا يقدر قدرها إلاّ هو، وهي ولاية آل الرسول، فإنه لا نجاة إلاّ بولايتهم، والحديث متّفق عليه سُنّة وشيعة، وهو قول رسول الله(صلى الله عليه وآله): “مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق وهلك”.

ثم تشيّع معي وكذلك مع أخي، خلق كثير جداً من إخواننا من (سورية)، و(لبنان) و(تركيا)، وغيرها من البلاد، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

وقد اشتهر هذا الأمر في البلاد، وذاع وشاع، وملأ الأسماع، حتى أخذ الناس يتراكضون إليهما يسألونهما عن السبب الذي دعاهما إلى الأخذ بمذهب أهل البيت(عليهم السلام)، مذهب الحق، وترك المذهب الشافعي.

فيقول الشيخ محمد مرعي: وكنا نجيبهم بأنّ الأدلة قامت لدينا، فمن أراد منكم أن نوضّح له المذهب الحق فليأت إلينا.

وفي هذه الفترة القصيرة التي هدانا الله تعالى خلالها، كانوا يأتون إلينا من كل حدب وصوب، ومن مختلف الطبقات من العلماء والأساتذة، والوجهاء والتجار، والكسبة والموظفين، وغيرهم، فكنا نلقي عليهم الحقائق من المصادر الموثوقة من مصادرهم، فمنهم من يسمع ويقتنع ويأخذ بالمذهب (مذهب أهل البيت(عليهم السلام))، ويرفض مذهبه السابق، ومنهم من يتعصّب على مذهبه، وعذره جهله وتعصّبه، مع العلم أنه غير قادر على الدفاع عن مذهبه.

ردود فعل المخالفين:

عندما شاع خبر استبصارهما وانتشر في البلاد، وهدى الكثير على أيديهما، تكتلت فئات مناوئة لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) وشنّت حرباً شعواء عليهما، وأخذ جملة ممن يتزيا بزي العلماء يحكم بكفرهما وارتدادهما عن الدين، وأخذوا يحذرون الناس على المنابر من التعامل والاحتكاك بهما، بل تعدّى الأمر إلى إغراء الاشقياء والسفهاء والصبيان بالتعرض لهما بالكلام البذيء والفاحش ورشقهم بالحجارة.

موقف رائع للمرجعية الشيعية:

ولما حاولت جراثيم الحقد والتعصّب الاحاطة والتضييق على الشيخ محمد مرعي الانطاكي وأخيه، وضاقت بهما الحال، وصل الخبر إلى السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي ـ وقد كان حياً آنذاك ـ فبادر إلى نجدتهما بشتى الصور، وكان أبرزها، رفعه كتاباً إلى المرجع الديني الكبير السيد البروجردي(رحمه الله)، يحثه فيه على دعمهما ورعايتهما والأخذ بأيديهما لئلا يقعا فريسة التعصب الأعمى.

وبالفعل سارع السيد البروجردي(رحمه الله) إلى اسعافهما وتبنيهما، وكانت هذه الخطوة الكبيرة اسناداً لهما في عملهما التبليغي، ورفعاً لشأنهما في اوساط المجتمع.

وهكذا طالت الأيام بالشيخ محمد مرعي الانطاكي وهو دؤب على عمله في سبيل الدعوة حتى تلقته يد المنون فانتقل إلى رحمة ربه في شهر ذي القعدة من عام 1383 هجرية، بعد أن كرّس حياته لنشر مذهب الحق مذهب أهل البيت(عليهم السلام).

[ينظر: لماذا اخترت مذهب أهل البيت(عليهم السلام)؟]

  • شارك الموضوع :