image

الجزء الثاني

09-07-2023

نذكر بعض الأمور في بيان المناظرة وحكمها وما يدل عليها في القرآن الكريم والسنة الشريفة لتكون مقدمة لما سنذكره من المناظرات والمحاورات بين المسلمين والمخالفين لهم وبين الشيعة الإثني عشرية ومن خالفهم من المذاهب والأديان بعدما نذكر بعض المناظرات للنبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام)،

ثانياً: في ورود المناظرة في القرآن الكريم:

القرآن الكريم هو دستور المسلمين بل هو دستور الناس أجمع فلا بد من الرجوع إليه لمعرفة حكم المناظرة والجدال وما ورد فيه ما يشير لموضوع بحثنا فنلاحظ أن لفظتي حجاج جدال قد وردت في القرآن الكريم بآيات كثيرة، ولكن كحكم لهذه الأمور يختلف من مورد إلى آخر فبعضها يحثُّ على الجدال ولكن لا مطلقاً كما سيظهر ذلك، والبعض يذمُّ الجدال والنقاش، ولأجل ذلك كتبت هذه المسألة لبيان أنَّ ما تحثُّ وتدعو للجدال لا بدَّ أن يكون بشروط، والذمُّ يتعلق بقسم ونوع خاص من الجدال والحجاج.                                                       

ففي قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) سورة النحل: آية 125.

نذكر قول الصادق (عليه السلام) في هذه الآية: وقد ذكرنا عنده الجدال في الدين، وأن رسول الله والأئمة (عليهم السلام) قد نهوا عنه فقال الصادق (عليه السلام) لم ينهَ عنه مطلقا، ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون الله عز وجل يقول (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقوله تعالى (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

وكذلك نلاحظ في قوله تعالى: (قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) سورة هود: آية 32.

إنَّ الكفار قالوا لنبي الله نوح (عليه السلام): خاصمتنا وحاجتنا فأكثرت مجادلتنا، فنفهم من قولهم أن نبي الله نوحاً (عليه السلام) كان يكثر من الجدال والحجاج معهم لمدة طويلة من الزمن ولم ييأس من ذلك مع عنادهم وعدم اعترافهم به.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ) سورة الحج: آية 3.

نلاحظ في هذه الآية أن القران الكريم يذم الجدال الذي يكون بغير علم ويقين وبرهان ويجادل في وحدانية الله تعالى في الرّبوبية والألوهية بغير حجة يصح الركون إليها، بل عن تقليد.

وكذلك هذه الآية المباركة: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ) سورة الحج: آية 8.

وهذه تدل أيضاً على أن الجدال بالعلم صواب، وبغير العلم خطأ، لأن الجدال بالعلم يدعو إلى اعتقاد الحق، وبغير العلم يدعو إلى الاعتقاد بالباطل، ولذلك قال تعالى: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)سورة النحل: آية 125 وكذلك (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) سورة العنكبوت: آية 46.

نفهم من هذه الآيات المباركة وغيرها أن هناك دعوة للمناظرة والنقاش والجدال ولكن هذا الجدال لا بدَّ أن يكون عن علم وبرهان وبالتي هي أحسن وهذا ما سنبينه في الأمر الثالث.  


  • شارك الموضوع :